بتول سويدان | محرّر أوّل

 

  أثناء الانتفاضة الأولى كتب الشاعر الفلسطينيّ سميح القاسم قصيدته الشهيرة “تقدّموا” مخاطبا بها الجماهير الشعبيّة المنتفضة. ثمّ عام ٢٠٠٦ كتب الشاعر السوريّ عمر الفرّا قصيدة:” رجال الله” محييّا الجنوب اللبناني الصامد بوجه الاعتداءات الاسرائيليّة. اليوم، وبعد عقود على ولادة هذه القصائد، وفي الأسبوع الذي خُصِّصَ لفلسطين في الجامعة الأمريكيّة في بيروت، يذكّرنا النادي الثّقافيّ الجنوبيّ بهذه الأشعار، كلمةً ومضموناً. فحيناً يوزّع عليك ملصقات لشعر الفرّا في ندوته حول الجنوب، وحيناً يتلو عليك أشعار القاسم في لقائه عن غزّة. لا لغاية ماديّة، أو هدف ترفيهيّ، إنّما ليقول ببساطة “إنّما هذه أمّتكم أمّة واحدة!”

   وكان النّادي قد أقام بالتعاون مع مركز الدّراسات الفلسطينيّة في الجامعة الأمريكيّة في بيروت ضمن فعاليات أسبوع فلسطين ندوتين سياستين. الأولى تحت عنوان “لبنان بين تداعيات الحرب في جنوبه والأزمة السياسيّة الداخليّة” مع الدكتور حسام مطر، والأخرى تحت عنوان “طوفان الأقصى بين تاريخ ومستقبل القضيّة الفلسطينيّة” مع الإعلامي والكاتب عبد الرحمن جاسم. وحظيت الندوتان بحضور أساتذيّ وطلابيّ لافت فاق الـ ٢٠٠ مشاركة.

   وقد حرص شبّان وشابّات النّادي على ترجمة مضامين النّدوات وهدفها في أدقّ تفاصيل الاستقبال والتنظيم. فكانت جهودهم في تجهيز القاعتين بالكوفيّات والورد وصور مكبّرة لقبّة الصخرة تنافس جهودهم في تجهيز الملصقات الوطنيّة عن الجنوب، والصور الموزّعة عن الضحايا المدنيين، والمدن الفلسطينية، والشركات المشمولة بالمقاطعة الاقتصادية.

   مضموناً، توزّع الحديث على محاور مختلفة في مواضيعها، إنّما مترابطة عند النظر الى الصورة بشموليّة أكثر. فالحديث عن أسباب اشتعال الجبهة اللبنانيّة، واحتمالات توسّع رقعة الحرب، وتحليل الرأي الداخلي الإسرائيلي مع الدكتور مطر لا ينفك يلتقي مع الحديث عن أهمية الطوفان كجزء من نضال الشعب الفلسطيني في غزّة مع الأستاذ جاسم. ولعلّ أبسط المسببات لهذا الرابط فكرة أنّ شعب لبنان وشعب غزّة ليسا منفصلين روحيّا كما فصلوا قسرا عبر الجغرافيا الحديثة. وهذه الفكرة تظهر بديهيّة عند النظر الى تاريخ وثقافة الشعبين. في هذا الإطار، أقتبس قول الأستاذ جاسم:”انتو مفكرين أهل غزّة مش أهالينا؟! أهل غزّة أهالينا لانو الإسرائيلي بس يخلص من غزّة رح يفضالنا. أنا لما نزلت على قانا (إشارة الى مجزرة قانا الشهيرة)، ما كنت نازل كفلسطيني نازل عند اللبنانية. أنا كنت نازل عن أهلي.”

   خلاصة القول، إنّ أداء النادي الثقافي الجنوبيّ في أسبوع فلسطين يعكس الهدف الذي كان قد أعلنه في وصفه على منصة “انستغرام” باللغة الانجليزية والذي يترجم الى العربيّة حرفيّا:” المقاومة لكل أنواع الاحتلال غير العادل وقمع حريّة الشعوب.” ولأنّ على الانسان المقاومة بما استطاع إليه سبيلا، ولأنّ للمقاومة أشكالا مختلفة، كان شباب النادي في هذا الأسبوع مقاومين بالكلمة الواعية، والثقافة الهادفة، واجتماع للقلوب على الحقّ والحريّة.