نزار بو كروم | كاتب صحفي

     مع إعلان أسماء الفائزين بجائزة نوبل لعام 2021 برز اسم العالم الأميركي من أصل لبناني آرديم باتابوتيان الذي فاز وزميله الأميركي ديفيد جولياس بجائزة نوبل للطب. توصل العالمان إلى اكتشاف مستقبلات درجة الحرارة واللمس، الاكتشاف الذي وصفه توماس بيرلمان عضو لجنة نوبل في إعلان الجائزة بأنه فتح “أحد أسرار الطبيعة”. وحسب الإعلان الرسمي الصادر عن موقع جائزة نوبل الالكتروني، فإن الفائزين وفريقهما تمكنوا من فك لغز سؤال عصي الإجابة حول كيفية “تحويل درجة الحرارة والمحفزات الميكانيكية إلى نبضات كهربائية في الجهاز العصبي.” ففي أواخر تسعينيات القرن الماضي بدأ جولياس وباتابوتيان أبحاثهما وتوصلا الى اكتشاف مستقبلات الكابسيسين TPVR1 الذي شكل إنجازا علميا عظيما وخطوة أولى للعالمين على طريق الشهرة العالمية. كما نجح باتابوتيان ومعاونوه في اكتشاف قنوات ايونية جديدة وغير معروفة تماما، وهي ضرورية لحاسة اللمس واستشعار موضع الجسم والحركة. ساهمت اكتشافات الرجلين في تعزيز فهمنا لكيفية استشعار نظامنا العصبي للحرارة والبرودة والمحفزات الميكانيكية. كما أن هذه الاكتشافات تُستخدم لتطوير علاجات لعدد كبير من الأمراض، بما في ذلك الآلام المزمنة.

     وآرديم باتابوتيان هو عالم أحياء جزيئية وعالم أعصاب متخصص في النقل الحسي من مواليد بيروت عام 1967. عاش آرديم، كما كل أبناء جيله، ويلات الحرب الأهلية اللبنانية حيث كانت الحياة في تلك الفترة “مرهقة” حسب وصفه في تصريح سابق. التحق بالجامعة الأميركية في بيروت لدراسة الكيمياء عام 1985 قبل أن يتم اختطافه من قبل إحدى الميليشيات واحتجازه لمدة يومين. شكلت هذه الحادثة نقطة تحول في حياة باتابوتيان، إذ إنه قرر على إثرها الهجرة إلى الولايات المتحدة. وفي لوس انجلوس تابع دراسته وحصل على بكالوريوس في الخلية وعلم الأحياء التطوري من جامعة كاليفورنيا عام 1990، ثم دكتوراه في علم الأحياء من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في عام 1996. وهو يعمل منذ العام 2014 باحثا في معهد هوارد هيوز الطبي.

    تلقى اللبنانيون خبر فوز باتابوتيان بالفرح والأمل في عتمة الأزمات التي تعصف بهم. كما سارع عدد من المسؤولين اللبنانيين إلى تهنئة البروفيسور على رأسهم رئيس الجمهورية الذي قلده وسام الاستحقاق المذهب تقديرا لمسيرته العلمية. وبينما رأى البعض أن هذا الإنجاز رفع اسم لبنان عاليا في المحافل الدولية، اعتبره البعض الآخر مظهرا جديدا من مظاهر فشل النظام السياسي اللبناني، الذي أخفق في احتضان شبابه، بل ودفع بهم إلى الهجرة القسرية إلى بلاد تحسن استثمار وتوظيف قدراتهم وكفاءاتهم في كافة المجالات. وما يؤكد صحة هذه الرؤية الأخيرة تعليقات باتابوتيان نفسه في هذا الصدد، فيقول في تصريح سابق لصحيفة نيويورك تايمز: في لبنان، لم أكن أعرف حتى أنّ العلم مهنة ويعبر عن شكره لبلده، الولايات المتحدة، البلد الذي أعطاه “فرصة عظيمة للتعلّم ودعم البحوث الأساسية