عفيف مشاقه | محرّر

أخيرا قالها تشافي، بعد مسيرةٍ دامت سنتان كانت مليئة بالأحداث والتغيرات، صعود ما بعده تعثر. بعد أن كان نادي برشلونة صانع الإثارة، أصبح هو من يجد نفسه على الطرف الخاسر من الريمونتادا، وتُكسر به الأرقام القياسية. كان وَقع الخسارة مدوِّيًا أمام فياريال في الدور الثاني والعشرين من الدوري الإسباني، وقبلها رباعيتان، واحده من غريمه ريال مدريد وأخرى من أتليتك بلباو، أدى الى خسارة لقب دوري السوبر الإسباني والمنافسة على كأس ملك إسبانيا. بعد تلقي الريمونتادا أمام فياريال بخمسة مقابل ثلاثة أهداف لبرشلونة، ازداد ثقُلَ الحِمْلُ على تشافي، وكان من الضروري استباق الأخبار الصحفية وأن يعلنها بنفسه قائلا:(بعد الثلاثين من يونيو لن أكون مدرب للبرسا) وأتبع قائلا:(اتخذت قراري لأن النادي يحتاج إلى تغيير في الديناميكية).

منذ انتخاب مجلس الإدارة، وصولا إلى تعيين تشافي هيرنانديز خلفا لكومان، كان الفريق أسير السياسات المالية التقشفية والتي حالت دون النهوض بالسرعة المطلوبة والمنافسة على جميع البطولات. جاء إعلان استقالة تشافي وهو يحمل في طياته سببان رئيسيان الأول شخصي والآخر برشلوني. القيود التي سبق وذكرناها كانت تراوغ في تقدم الفريق فنيا خصوصاً تأمين حاجات المدرب من المهارات والتعزيزات المحترفة، معتمدين على لاعبين مناسبين لميزانية النادي، لكنهم دون المستوى المطلوب. فضلا عن الاعتماد الكلي على لاعبيه من الرديف واللاماسيا، وبسَبب النقص في البدلاء الأكفاء، أصبحت أي إصابة في التشكيلة الأساسية أثرها شديد وملموس على الفريق مخلفاً النتائج المحبطة للأفراد. بعد هذا، لم يعد يرى تشافي نفسه كامل فرق أو إضافة كما كان يدعي وترجم هذا في الأرقام التي تلقاها، خسارة لقبين في زمن متقارب كانت كالسيف الذي يشق ظهر البعير. فما كان للمدرب إلا إعلان الاستقالة، لأن الاستمرار يعني ضرب مستمر في مسيرته الفنية التدريبية، يكفيه أنه أصبح أكثر مدرب خسارة مع برشلونة بشكل عام وأوروبيا بشكل خاص. أما برشلونياً فكانت استقالته سببا رئيسيا في تخفيف التوتر والضغط عند الفريق واللعب براحة أكثر مخففا سقف الآمال والطموحات هذا الموسم، فقد قال في خطاب استقالته:( أعتقد أنهم سيشعرون بارتياح أيضا وسيكونون أكثر هدوء) أي اللاعبين.

عندما عُيِّنَ تشافي حمِّلَ فوق ما يستطيع، شحٌ في السيولة، فريق مهترئ، سوء تكتيك، على الرغم من كل هذا، حقق تشافي لقبان خلال مسيرته مع البارسا إلى الآن. يجب أن تؤخذ الأمور بشكل عادل، تشافي هو الذي صعد بالفريق عند وصوله من المركز التاسع في الدوري إلى وصيف اللقب في الختام. بوجوده سحب القميص من عشرات العاشقين غير المحترفين، وتخلص قدر المستطاع مما يسمى بالأبقار العاجزة أي (بيكيه ألبا وبوسكيتس). الفريق بعهد كومان لا يقارن بما هو اليوم، لكن ما زالت الحاجة مستمرة للمزيد لهذا المشروع، وبأهميته يحتاج إلى قامة تدريبية مخضرمة ذات سجل فني يخوِّله ببناء فريق تنافسي للمدى البعيد. تجدر الإشارة، الى ان ليس وحده المدرب من يُلام، فالطبقة الإدارية والرياضية في النادي ما كانت ستقيل المدرب مهما حصل هذا الموسم، مانحة إياه الثقة المفرطة، وهو ما لم يحظ به أي مدرب على تاريخ برشلونة. فضلا عن تأثيرهم في العمل الفني وتدخلهم الصارخ في شؤون غرفة الملابس. كل م قرار فني يتخذ سواء بيع أم شراء أو تشكيلة لا تمر دون ضوء أخضر أو موافقه كل من المدير الرياضي ديكو والرئيس خوان لابورتا.

فور إعلانه الاستقالة، نُشرت في الصحافة عدة أسماء  لمدربين محتملين لخلافه تشافي لتدريب البرسا ومنهم: دي زيربي مدرب برايتون الحالي ويورغن كلوب فضلا عن هانسن فليك وغيرهم من الأسماء الكبيرة، لكن أظن أن الديناميكية، الإدارية على وجه الخصوص التي ذكرها تشافي في خطاب الاستقالة عليها كذلك أن تتغير، وإلا لن ينفع أي مدرب يأتي ما لم يفهم أيٌّ حدوده صلاحيات عمله.