سعد كريديه | محرّر

كان فن الغرافيتي موجودا منذ قدم الزمان, منذ ايام الحضارات المختلفة, وكما كل الامور في هذه الحياة, طال التطورهذا الفن. ثم ما فتئ ان اصبح مستخدما كنوع من الاعلان والدعاية لمختلف الامور الاجتماعية والسياسية. وعادة ما يستهدف الاماكن العامة الملحوظة التي تكون اكثرعرضة للمشاهد بهدف ايصال الفكرة لاكثر عدد من الناس.

لطالما كان هناك جدال اذا كان الغرافيتي مسموحا او يجب معاقبة فاعله. فكثير من الدول لجأت الى مبدأ العقاب لاعتباره مخلا للادب او في حين آخر تعديا على الاملاك العامة. وفي الجهة المقابلة اعتبر الاشخاص الذين يقومون بهذا الرسم أنفسهم من الفنانين. لكن أصبح الان هذا الفن معتمدا في كثير من المعارض وخصص له جدران في بعض المناطق.

كانت لبنان من البلاد العربية الاولى التي استخدمت فن الغرافيتي وذلك بسبب تركيبة لبنان الدينية والاثنية التي أدت الى وجود أفكار وتوجهات مختلفة. وقبل بداية الحرب الاهلية, بدأت تنتشر هذه الرسوم ذات الطابع السياسي المناقض للطرف الاخر. فأصبحت الجدران بديلة الشاشات, تظهر الحقد والكراهية بين الناس.

بعدها مرت الاعوام, وبدأت الثورة في 17 تشرين الاول في لبنان, حيث عاود ازدهار الغرافيتي ليلون شوارع العاصمة بيروت لاظهار الغضب من الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والفساد المنتشر. فما كان من الفنانين اللبنانيين الا ان استخدموا الابداع الذي لديهم وعملوا على رسم مختلف الشعارات في الشوارع والساحات لايصال صرخة الشعب. فقد سمحت هذه الطريقة بالتعبير عن اوجاع الناس على هيئة اشكال دون الحاجة لكتابة خطابات رنّامة.

ولا شك انا الغرافيتي يمكن ان يفتح لنا باباً من الثقافة والسياحة والجمال التي يمكن تنظيمها لايصال ألم ومطالب الشعوب, بالاضافة الى الرسائل التحفيزية والحقبات التاريخية التي مر البلد خلالها اذا ما هذبناه واستخدمناه بالطريقة المناسبة. ففنٌ كهاذا يمكن ان يقرب وجهات النظر المختلفة بين مختلف التوجهات. وهو يدل على المبدأ الذي يعيش عليه الشعب, فعلى سبيل المثال في الصورة المرفقة نرى طيورا بيضاء وكلمة “hope” وهذا دليل ان الشعب يحب الحياة والسلام.  

فهل يجب ان يبقى هذا الفن محرّما في الدول؟ أم يجب العمل على تطويره وتهذيبه ليناسب الثقافة والمبادئ العامة؟