ريم السعود | كاتبة 

عند دخول الضيوف إلى قاعة الحفل، واعتلاء أصواتهم وضحكاتهم المتحمسة، انغمرت الصرخات الصامتة التي تتردد في عقلها المضطرب. وأصبح الضحك والسرور بمثابة سيتار يحجب الصرخات اليائسة التي ترتفع من داخل روحها. 

وسط ضجيج الاحتفال، وتعالي الصخب، ارتدت الأبيض، مخفيةً بذلك قلباً كان يرتدي الأسود، وينعى تكبّل واختطاف حريتها. ورغماّ عن كل ذلك، بقيت ابتسامتها تعتلي محياها لإرضاء الجمهور.

عيناها، التي كانت في الماضي تتلألأن بالأحلام، أصبحتا الآن فارغة وحزينة، تعكسان الفراغ الذي اجتاح روحها. والغرباء في الخارج، يحتفلون بسعادة، غافلون تمامًا عن الاضطراب الذي تعانيه في داخلها.

هي.. مجرد دمية، في مسرح كبير، يستعرض ما يطلبه المشاهد، ويُمثّل ما يطلبه الجمهور. وهي، تستمر في لعب دورها على أكمل وجه.  

أما الأحمر، فقد برز كخيط غير متوقع في نسيج يومها الأسود.. كتميز صامت يرمز إلى مقاومتها، وإعلان نهاية صراعها. كان الوسيلة لتحديد مصيرها المسروق منها، وشعلة الغضب التي خرجت من كيانها المهمش.

ففي تلك اللحظة المؤثرة، اختارت الانفصال عن قيود وتوقعات المجتمع، واختارت سحق ًعبء الجماهير غير المرئية التي حولت وجودها إلى كلمات وانتقادات وحِمل لا يُطاق.

في النهاية، أصبح الفستان الأبيض، الذي كان رمزًا للنقاء والفرح، لوحة مأساوية مرسومة بألوان الظلام التي تختبئ في داخلها. 

لم تكن هذه نهاية حفل قط، بل كانت نهاية مؤلمة لحياة صاغها الغرباء لها. فكم من قصة كُتبت على ألسن الناس فنُزعت من جذورها لتصبح وردةً مصيرها القطف والذبول…