محمد قري| محرر

غالبًا ما نسمع عن علاقات يشعر فيها شخص بالتعاسة ومع ذلك لا يقرر الانفصال عن شريكه في العلاقة. كيف يدرك شخص أن العلاقة تؤثر عليه سلبًا، ومع ذلك يختار ان يستمر فيها؟

 لقد تكهن الباحثون بأن هذا قد يكون بسبب شعور قوي بـ “الحب” أو نتيجة للعادة. يأتي هنا مفهوم “مغالطة التكلفة المعدومة”. يصف هذا الموقف حيث يستثمر شخص الوقت والمال و/أو الطاقة في علاقة، مما يجعل من الصعب التخلي عن شريكه. علاوة على ذلك، فإن التربية المضطربة أو الغائبة عاطفياً هي عامل في اتخاذ القرارات. يميل الشخص الذي نشأ في بيئة عاطفية غير مستقرة إلى العثور على الراحة في علاقات مماثلة. يمكن اعتبار هذا شكلاً من أشكال الصدمة المبكرة التي تستمر في البلوغ.

 نصيحة “كن قويًا” أسهل في القول من الفعل. أن تكون “قويًا” صعب بالنسبة لشخص يفتقر إلى الثقة بالنفس ويعاني من انخفاض تقدير الذات. قد يعتقد أنه هو المشكلة أو أنه لا يستطيع الهروب من الوضع، وبالتالي يستقر. ربما يعتقد “قد تأتي أيام أفضل قريبًا جدًا”، لكن واقعياً لا تأتي أبدًا. قد يكون سبب آخر هو عدم وعي الشخص بالاحتيال العاطفي من شريكه. قد يعتقد أن الأفعال الاحتيالية هي أفعال طبيعية تحدث في جميع العلاقات. هذا يؤدي إلى عدم الحس بوجود مشكلة وبالتالي البقاء في العلاقة. قد ايضاً تكون الانفصالات السابقة قد خلقت خوفًا من رحيل الشريك أو التخلي عن الشخص، مما يمنع الشخص من التصرف وإنهاء العلاقة.

عند تحليل فكرة أن الصدمات الطفولية قد تكون سببًا للعلاقات غير الصحية، نجد أن نوع العلاقة الشائع الذي يُناقش هو العلاقة بين الطرف العدواني والطرف المتعلق أو المتكل. قد يكون الشريك العدواني مزاجيًا، عنيفًا، مسيطرًا، ويميل إلى استخدام الصمت كوسيلة للتحكم. هذا لا يعني بالضرورة أن الشخص سيء بطبعه، ولكن قد يعكس فرط الحساسية. من ناحية أخرى، يميل الشريك المتكل إلى محاولة الإصلاح باللطف وعدم مواجهة الحقائق المؤلمة بشأن طبيعة الشريك العدواني. غالبًا ما تكون هذه الأدوار قابلة للتبادل في العلاقة ونرى أن الصنفين من الناس مترابطان مثل اللبنة والزعتر.

في هذه العلاقات، يدفع الشريك المتكل ثمن أخطاء والدي الطرف العدواني. يستخدم الشريك العدواني مزاجه كسلاح ضد شريكه وضد نفسه. يسعى الشريك المتكل إلى الحب والتسامح، وعادةً ما يكون معتادًا على تهدئة الآخرين في أوقات الأزمات، وهو ما قد يكون قد تعلمه من أحد الوالدين أو من علاقات سابقة. يمكن للصدمة أن تجعله يشعر بالانفصال عن واقعية المشكلة.

يبدأ الشفاء للطرف العدواني عندما يدرك أن عائلته لم تخلق أو تحترم العلاقة العاطفية، مما يجعله يتحمل المسؤولية بدلاً من شريكه. لا يمكن للطرف العدواني إدراك كيف أن غضبه أو حساسيته المفرطة تؤثر سلبًا على شريكه إلا عندما يصل إلى نقطة الانهيار ويرا تأثيرات أفعاله الحقيقية. أما بالنسبة للطرف المتعلق، فيجب عليه معالجة فكرة أنه لم يكن يملك شيئًا في طفولته وأنه لم يكن هناك العلاقة العاطفية. الوقوف بوجه الطرف العدواني يمكن أن يساعد كلا الطرفين، فبقول .”لا يمكنك التحدث معي بهذه الطريقة” للطرف العدواني، يوصله إلى ما يُعرف بنقطة الانهيار ويسلب منه قوته على الطرف المتعلق

قصيدة كتبتها تمثل الموقف:

في بُعدِ الرّوْضِ،

فَقَدَت النّفسُ ذاتَها،

أسيرةٌ، قَيَّدَتْها الرّغبَةُ،

كَما قَيَّدَ راعٍ فَرَسا

إذا سَألتَهُ: أينَ المَنفَذُ،

جاوَبَني: لَيسَ لَكَ مَهْرَبا،

مَصيرُكَ لَوْنُ الزّمُرُدِ،

في عُيونٍ، إبليسٌ لها سَجَدا