علي الهادي اسماعيل | كاتب صحفي
يصنّف سرطان البروستات كأحد اكثر الانواع شيوعًا بين الرجال. بمناسبة شهر نوفمبر المخصص للتوعية عن صحّة الرجل، تقوم أوتلوك بالإشارة لنوع السرطان المذكور والتوعية عن كيفية الوقاية منه وأهمية الكشف المبكر.
البروستات او كما تدعى عربياً بالُموثة، غدة ذكرية صغيرة نسبياً، شكلها يشبه حبة الجوز. هي احدى اهم مواضع الجهاز التناسلي لدى الذكور. يتم بواسطتها إفراز وتخزين السائل المنوي الغني بالدهون الفوسفورية للحفاظ على الحيوانات المنوية، كما تشكّل محور دفع الدم الى القضيب أثناء عملية الانتصاب، وذلك عبر شبكة من الاوردة و النواقل الدموية اسمها “العنقود البروستاتي”. تحيط غدة البروستات بالاحليل اسفل البطن، الذي يربط المثانة بالمحيط الخارجي للجسم.
قدّرت بعض الدراسات احتمالية اصابة ٨٠٪ من الرجال بالورم مِمَّن تجاوزوا العقد الثامن من العمر. الورم بطيء النمو في الأعمّ الأغلب بحيث يتموضع في غدة البروستات وعلاجه سهل لعدم وجود اضرار جسيمة. لكن ثمّة أنواع مصنّفة بالعدائية، تستطيع أن تتقشّى بسرعة في العظام والعقد الليمفاوية، مما يستدعي اكتشافاً مبكرًا لكبح أذية التوسع التي قد تصل خطورتها لحد الوفاة.
إنّ العمر احدى ابرز العوامل التي تساهم في ظهور الورم، فهو شائع عند من تجاوزوا الخمسين. تزداد نسبة شيوعه لدى التقدم اكثر بالعمر. للتاريخ العائلي أيضًا دور جوهري في الاصابة، بحيث تتضاعف نسبة الاصابة في حال اصابة احدى الاقارب المباشرين كالاخ او الاب. كما تساهم عوامل اخرى في ظهوره مثل ضعف النشاط البدني واتّباع نظام غذائي غني بالدهون ولاسيما اللحوم. لذلك نلحظ أنّ ارقام الاصابة بسرطان البروستات تتقلص في المجتمعات التي تعتمد على الخضار والرز في انظمتها الغذائية. إنّ البقاء بوضعيّة الجلوس لساعات طويلة أيضًا يزيد من نسبة الإصابة لذا تنصح أوتلوك موظّفي المكاتب والسائقين العموميين بالمشي ولو خطوات قليلة كلّ ساعتين يمضونها في العمل جلوسًا. اخيراً، يتم العمل على درس تأثير تناول الادوية المخفضة لهرمونات الذكورة في الحد من ظهوره، بعد ان تم ادراج ارتفاع تلك الهرمونات داخل فلك زيادة احتمالية الاصابة.
يساهم الفحص الطبي للرجال في الكشف المبكر عن سرطان البروستات، مما يوفر فرص سانحة للتصدي لانتشاره و استئصاله اذا لزم الامر بعمليات جراحية محدودة يدعّم بعضها بالتدخل الآلي الروبوتي. يُجري طبيب مختص الفحص ويقوم بتقدير وجود تضخّم أو ورم بالبروستات. قد يحتاج بعض المرضى بسبب السن او خطورة الانتشار الى العلاج عن طريق الاشعة او العلاج الهرموني. في حين يكتفى في معظم الحالات بالمراقبة لكونه موضعي و لرؤية ما تؤول اليه الامور لتحديد درجة الخطورة. علمًا، يشخص المرض لدى معظم الرجال في فترة زمانية سانحة للعلاج، لذلك يعد الفحص الطبي لدى الرجال في الاعمار المتقدمة الوسيلة الأنجح للكشف وادراك سبيل الشفاء على ان يكون بطلب من صاحب الاختصاص. من هنا تشدّد أوتلوك على أهميّة الالتزام بالزيارة السنويّة لطبيب المسالك البوليّة عند الرجال الذين تخطّوا الخمسين من العمر أو لهم عضو من العائلة مصاب، ومراجعة الطبيب فورًا في حال ظهور عوارض نحدّدها بعد قليل.
من العوارض التي تستدعي مراجعة طبيب نذكر: البول المتقطّع أو كثرة التبول، خاصة في فترات الليل، الدم في البول، أو الألم عند التبوّل. فالبروستات تؤثّر على مسالك خروج البول ووظيفة التبول. وباعتبارأنّ للبروستات دور في إنتاج السائل المنوي، فإن اي ورم من شأنه التأثير على وظائف الانتصاب او الصعوبات في القذف. في حال الانتشار العدواني، يترافق سرطان البروستات مع آلام العظام وخسارة الوزن الشديدة.
يمكن تخفيف احتمال الإصابة من خلال اتّباع نظام غذائي سليم، غني بالخضروات والفاكهة وبعيد عن الدهون المشبعة، والمواظبة على التمرين البدني. النشاط البدني لا يعني بالضرورة التسجيل بالجم والذهاب ثلاث مرّات بالأسبوع. النشاط البدني يشمل المشي من المنزل إلى العمل أو استخدام الدراجة الهوائية للتنقل وقفز الحبل. الحمية النباتية المترافقة مع الرياضة قد ثبت طلوعها في كبح ظهور سرطان البروستات انطلاقاً من عدة دراسات. لا زالت الدراسات قائمة ومتوهجة في اختبار مجموعة من الأدوية التي من المحتمل ان تحمل دوراً وقائياً. فهل سنرى انخفاضًا في نسب الاصابة في المدى القريب من المستقبل نظراً للحيّز العلمي الذي يحظى به الورم في أروقة البحث؟