عفيف مشاقة | محرر
التحولات والتطورات التي شهدتها دوري السوبر الأوروبي خلال العامين السابقين من التغير الجذري في هيكلية المسابقة، وإشارات الإستفهام التي تشكك في إحتمالية قيام الدوري
في المقال الأول كان الكلام عن نشأت دوري السوبر الأوروبي من قبل بعض الأندية في أبريل عام 2021. سبق وذكرنا ان السبب من إنشائه هو مادي بحت، تبناه 12 نادي من مختلف أنحاء أوروبا لكن سرعان ما انهار هيكله من جراء ضغط الجماهير والاتحادات التنظيمية لكرة القدم. وفي نهاية المطاف ما بقي متمسكا سوى برشلونة وريال مدريد، أما آخر المنسحبين فكان يوفنتوس الإيطالي.
الآن برشلونة وريال مدريد هما الوحيدان في هذا السباق مع الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم، سبب تمسكهما بالبطولة واضح، وهو إيجاد سبل بإمكانها در حاجتهم من الأموال لسد ديونهم. ينبغي على ريال مدريد تأمين ما يكفي من الأموال لتغطية تكاليف توسعة البرنابيو، والتي تكلفت أضعاف ما كان متوقع. كذلك برشلونة الذي كشفت جائحة كورونا مدى تعاسة السياسات المالية خلال حقبة الرئيس السابق بارتوميو. فمنذ ال 2020 نشهد سياسات لابورتا التقشفية لتحسين الميزانية وإجراء تدابير كبيع أصول النادي وتوفير رافعات مالية. وقد أسفر تَمَسُّك برشلونة بالمشروع إلى نزع الغطاء عن فضائح تحكيمية وتوجيه اتهامات بالتواطؤ مع حكام، وتقديم رشاوي لينغريرا نائب الرئيس السابق للجنة الفنية للحكام. أمّا مع يوفنتوس، فالأمور أخذت طابعا أقصى، فقد أدى موقفه الداعم للضغط والإطاحة برئيس النادي آنذاك أندريا أنييلي، وتشكيل مجلس إدارة جديد راضخ للويفا.
الآن لدى السوبر ليغ هيكلية لعب جديدة، بعيدة كل البعد عن الانغلاق الذي ظهر في النظام السابق والذي لا شك في بيروقراطية أنظمته، وظلمه لفئة كبيرة من الأندية. فقد قُرِّرَتْ هيكلية جديدة قائمة على ثلاث دوريات. أولا، الدوري الذهبي، والذي يضم 16 فريق. ثانيا، دوري النجوم ويضم 16 فريق. وأخيرا، الدوري الأزرق والذي يتضمن 36 فريقا من مختلف أنحاء أوروبا. سيشارك في الإجمال 64 فريق، والأهم أنه لن يكون أي فريق ثابت في البطولة، كل نادي سيلعب 14 مباراة سبعة على أرضه وسبعة على أرض الخصم. أما التأهل للمشاركة في الدوري، فسوف يتم استنادا على مستوى الأداء الرياضي في الدوريات المحلية. وفي هذا الكلام تلميح إلى أن دوري السوبر لن يقلِّل من شعبية أو أهمية الدوريات المحلية كما تدعي اتحاداتها. وفي نهاية المطاف ستوزع الأرباح على الأندية المشاركة بحسب أدائها داخل البطولة، مع الإشارة إلى أنَّ الدوري سيدار من قبل الأندية المشاركة دون تدخل من أي جهة رياضية دولية.
أهم ما حصل حول هذا الموضوع كان في 21 من ديسمبر عام 2023، وهو قرار لمحكمة العدل الأوروبية (الاقتصادية) والتي تفوق قراراتها قرارات المحاكم الرياضية ورامي بإدانة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (الويفا)، بإعاقة قيام دوري السوبر، فضلا عن كسبهم دعوى ضمان عدم محاسبتهم ومحاسبة أي نادي يشارك في هذه البطولة من قبل الاتحادات الأوروبية. وبهذا أصبح بإمكان المنظمين دعوة أندية للمشاركة.
منذ أبريل عام 2021 وإلى يومنا هذا، تداعت الأخبار والأحداث وتتبلور إشارات الاستفهام التي لا نجد لها جواب. بدءا من الإعلان عن أن المباريات ستكون مجانية أو شبه مجانية، وفي الوقت ذاته يقال إن المشاركين سيحصل هنا على مئات الملايين من اليورو، ما يثير السؤال حول مصادر المال الذي سيجلب هذا الكم الرهيب من العائدات؟ يقولون بنوك أمريكية تريد الاستثمار بمليارات الدولارات لكن لا أمور رسمية إلى الآن. ثانيا، يُشاع أنَّ المباريات ستجرى وسط الأسبوع، وهذا يتقاطع مع دوري أبطال أوروبا فهل ستكون الأندية قادرة على تنسيق المباريات من جهة وهل ستؤخذ صحة ولياقة اللاعبين في عين الاعتبار من جهة أخرى دون إرهاقهم بروزنامة مباريات هائلة. ثالثا، في العام 2024 سيبدأ العمل بالنظام الجديد في دوري أبطال أوروبا وسيكون مغاير عما هو الآن. يشمل بضع من الميزات التي حملها دوري السوبر الأوروبي. وفي العام الذي يليه عام ،2025 سيقام للمرة الأولى كأس العالم للأندية، وتجدر الإشارة الى أنَّ برشلونة ليس من ضمن الأندية المرشحة لخوض المسابقة ضمن أندية أوروبا بسبب تراجع الأداء في السنين السبع الأخيرة، لكن لدى الفيفا القدرة على إشراكها عبر بطاقات دعوة التي تملكها، لكن هذا الأمر يتطلب تنازلا من طرف برشلونة، فهل هذا ممكن؟
ختاماً، تبقى هذه البطولة أسيرة الأسابيع والأشهر القادمة، حيث لا نعلم أي طارئ وحدث يستطيع أن يغير موازين الأحداث، وإن الغد لناظره قريب.