يرفند قوندره جيان | كاتب صحفي

تحتلّ قلوب الصّغار والكبار بطعمها اللذيذ، و تملأ آلافُ الأنواعِ منها رفوف المتاجر، ولك أن تنتقيَ ما لذّ وطاب. إنّها ألواح الشوكولاتة التي تصل إلينا مغلّفةً بأبهى حللها، بيد أنّنا نجهل تمامًا قصّة الأيادي الصغيرة التي تجهد في صنع مكوّناتها وفي الحفاظ على أسعارها المنخفضة إلى حدٍّ ما.

تبدأ رحلة الشوكولاتة من ثمار الكاكاو التي تشتَهر بعض الدول الإفريقيّة بإنتاجها و لاسيّما ساحل العاج التي تُعتبر أكبر الدول المنتجة للكاكاو. وقد كشفت دراسةٌ حقوقيّةٌ أنّ شركاتِ شوكولاتة شهيرةً متورطةٌ ببيع منتجاتٍ تتخلّل عمليّة إنتاجها عمالةٌ قسريّةٌ للأطفال في غربيّ إفريقيا، في ظلّ ظروفٍ شبيهةٍ بالعبوديّة، وأنّ أعمارَ الأطفال تتراوح بين الخمس سنواتٍ والأربع عشرة سنةً. كما ويتعرّض الأطفال العاملون في تلك البلدان إلى ظروفٍ قاسيةٍ تجبرهم على القيام بأعمال شاقّةٍ لفترةٍ تصل إلى قرابة المائة ساعةٍ في الأسبوع.

إضافةً إلى ذلك، يتمّ تهريب الأطفال من البلدان الإفريقيّة المجاورة إلى ساحل العاج للعمل هناك في المجال الزراعيّ. ويعمل ثُلث الأطفال الذين يعيشون في مناطقَ زراعة الكاكاو لساعاتٍ طويلةٍ تحت ظروفٍ مجحفةٍ بحقّهم ويتلقّون ما لا يكفي لسدّ رمقهم. كما و يعانون من الاضّطهاد الجسديّ في حال حاولوا الفرار. تعدو عمالة الأطفال في هذه المناطق إلى الفقر المدقع، والجوع، فيهرع ذوو هؤلاء لتوفير مدخولٍ ماديٍّ يسدّ احتياجاتهم الأساسيّة.

واحتجاجًا على معاناة الأطفال في هذه المناطق، قام ثمانيةٌ منهم برفع دعوى قضائيّة ضدّ عددٍ من أكبر شركات الشوكولاتة في العالم متّهمينها  بالمساعدة والتحريض على استعباد آلاف الأطفال في مزارع الكاكاو في سلاسل “توريد” الخاصّة بهم. وعليه، رفعت منظّمة حقوق الإنسان الدوليّة “إيرا” نيابةً عن هؤلاء دعوى قضائيّة في العاصمة الأمريكيّة واشنطن ضدّ شركاتٍ مختلفةٍ منها “نستله” و”كارجيل” و”باري كاليبو” و”مارس” وغيرها وفق صحيفة “الغارديان”. صرّح هؤلاء الأطفال أنّهم أُجبروا على العمل دون أجرٍ في مزارع الكاكاو وسعوا للحصول على تعويضاتٍ عن العمل القسريّ و أخرى عن الإثراء غير المشروع لتلك الشركات.

إزاء ذلك، سارعت شركة “نستله” للردّ معتبرةً أنّ هذه الدعاوى لن تجديَ نفعاً في السبيل الأكبر و هو إنهاء عمالة الأطفال تماماً. كما جدّدت استنكارها لهذه القضية لأنّها تتعارض والمبادئ الانسانيّة التي تدافع عنها. وأعلنت عزمها على مكافحة عمالة الأطفال داخل سلسلة “توريد”.

لا تتوقّف عمالة الأطفال في إنتاج الكاكاو على كبرى شركات الشوكولاتة، بل تتعدّاها لتشمل عمليّة تهريب الأطفال و الاتجار بهم لاستغلال زهد الأجور التي يتقاضونها؛ فحتماً، إنّ استبدال الأطفال بعمّالٍ راشدين سيكبّد الشركات تكلفةً باهظةً، ما سينعكس ارتفاعاً في أسعار منتجاتها، و بالتالي تراجعاً في نسبة مبيعاتها في العالم إثر انخفاض الإقبال عليها. إذًا، تتمثل المشكلة في جشع الشركات وفي الفقر الذي يعاني منه هؤلاء الأطفال كما في غياب الرقابة في بلدانهم.