عفيف مشاقة | محرر

في أبريل عام 2021 تم الإعلان عن الدوري الأول من نوعه والمنافس لدوري أبطال أوروبا الذي تأسس عام 1955 وضم هذا الإعلان 12 نادي إسباني وإيطالي وإنجليزي وهم: (برشلونة-ريال مدريد-أتلتيكو مدريد)، (ميلان-انتر ميلان-يوفنتوس) و(مانشستر سيتي-مانشستر يونايتد-أرسنال-توتنهام-ليفربول-تشيلسي) على التوالي. ولكن لم يستطع العيش لأكثر من 48 ساعة، فقد اضطر أغلب المشاركين للانسحاب والتبرؤ من البيان جراء المعارضة الشديدة التي واجهته من قبل جماهيرها وجماهير الأندية المتواضعة ماديا من جهة وموقف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم واتحادات الدوريات المحلية من جهة أخرى والتي هددت بوضع عقوبات على المشاركين في البطولة وفي النهاية لم يتمسك بهذا الدوري سوى برشلونة، ريال مدريد ويوفنتوس.

لنشرح وبشكل مبسط ما كان الشكل الأول لهذا الدوري، فهو الدوري المغلق والأول من نوعه في كرة القدم، شبيه ببطولة ال أن بي إي الأمريكية لكرة السلة يتكون من 15 ثابتين وخمسة يضافون إلى البطولة. يتنافسون فيما بينهم بشكل دوري دون النظر إلى نتائج قرعة دوري أبطال أوروبا. وكمان لاحظنا لأن جميع الأندية المشاركة هي ذات تاريخ عريق وشعبية واسعة، فالتنافس فيما بينها يولد تشويق لا مثيل له. وبحسب قول لفلورنتينو بيريز أن هذا الجيل تعود وعلى الأدرينالين العالي، والمباريات الحماسية الضارية هي التي ترفع مستوى الحماس لدى الجماهير. وفي نهاية المطاف توزع أرباح الدوري على الفرق المشاركة حسب نتائجها.

مما لا شكَّ فيه، أنَّ هدف الدوري هو مادِّي بامتياز، خصوصا أن الإعلان عنه جاء في خِضَمِّ جائحة كورونا التي هزت عروش أندية كثيرة وتزعزعت اتحادات أوروبا جميعها ولم تضع الأخيرة وسائل تعويضٍ لخسائر الأندية. فقد انخفضت إيرادات ما يسمى حقوق البث التلفزيوني ولا ننسى غياب الجمهور عن المدرجات فينخفض المدخول الأندية ولم تستطيع الأندية الادخار والتمويل للمنافسة في سوق الانتقالات. وأدى الوضع مع بعض الأندية إلى التقشف الشديد ومفاوضة اللاعبين على عقودهم. وفي ضمن السياق المادي، قيام منافس لدوري الأبطال كان أحد أسبابه اللامساواة في توزيع المكافآت. فمثلا، عند التأهل إلى الدور ال 16 في دوري الأبطال، تقدَّم نفس المكافأة لجميع المتأهلين دون الأخذ بعيد الاعتبار إنجازات الفرق في دوري المجموعات، عندها أصبح هذا الدوري وما روِّج عن أرباحه، الملاذ الوحيد لهذه الأندية لكسب المال.

تكلمنا في الأعلى عن أهم أسباب قيام الدوري، لكن، لمَ كانت المعارضة الشديدة وأدت لدفن مشروع عمره 48 ساعة فقط؟ أسبابه كثيرة أبرزها، أنَّ دوري السوبر سوف يقضي هذا أقوى دوري للأندية الأوربية في العالم والمقام منذ أكثر من 65 عام فقط لأجل 12 نادي. وتجدر الإشارة أنَّ لو كانت الأرقام المالية التي تروج صحيحة فإنها كفيلة باستقطاب وسائل الإعلام، الرعاة ورؤوس الأموال. ومن هذا المنطلق سيؤدي إلى قتل المواهب والأكاديميات الرياضية للفرق المتوسطة والصغيرة لأن اللاعبين النجوم والصاعدين سيسعون للانتماء للأندية المشاركة وهو القضاء على فرص صعود وتألق أندية أخرى. 

سبق وذكرت أن هذا الدوري مغلق، أي أن العمالقة هم فقط من سيتنافسون مما سيقضي على عنصر المفاجأة وحصول العجائب كروية كما حصل مؤخرا مع ليستر سيتي في كرة القدم الإنجليزية. وتكرار المباريات بين العمالقة سيؤدي إلى خفض التشويق وانخفاض نسبة المشاهدات كما يحصل في ال أن بي إي الآن، لأن 15 من الأندية المشاركة عضويتهم ثابتة. وعند الكلام عن هيكلية اللعبة فإن الصورة ما زالت غير مكتملة، والأندية الخمسة التي ستضاف شروط دعوتها ما زالت مجهولة. حينها يُفْهَمُ للناظرِ أنَّ الدوري ما زال هش، والإعلان عنه كان إما تسرع أو إيصال رسالة تهديد للاتحاد الأوروبي لكرة القدم بأنها لم تعد قادرة على تحمل أعباء مالية وعليها إيجاد حلول. تفاصيل أكثر نشاركها معكم حول هذا الموضوع في المقال القادم.