جنى البساط | محررة
مشيت وطال الطريق. بين كل وطأة وأخرى تسمّرت أمام التباين الصارخ. كيف لمدينة صغيرة أن تحمل هذا الثأر؟ لا زلت مسالمة، ولكن، متى تثأرين؟ غاضبة وهادئة، كيف تستطيعين؟ أظننت بأن مجموعة المسنين الذين تباروا على لعبة الطاولة كل صباح على رصيف الشارع سيغضبون؟ أم ظننت أن ضحكات الأطفال مع طابتهم التي لا زالت تتدحرج رغما عنها كافية؟ أم صراخ العجوز التي تقف على شرفة الطابق الأول مهددة إياهم بإبريق الماء كافٍ؟
عانقتِ الفقير والغني، احتويتِ خليل المجنون الذي يستيقظ صباح كل يوم إلى جانب الطريق راقصاً أمام المقهى ليحنْ أحد عليه ويعطيه ما تبقى من رغيف الخبز. فخليل المجنون لا يعرف سوى هذا المقهى ولا يأكل سوى فتات الخبز ولا يسكن أصلاً سوى هذا الرصيف
هُدّمتي ٧ مرات ولا زلت جبارة لا تأبهين. فزجاج هذا البيت الذي عكس الأضواء الصفراء، الحمراء، الخضراء، والبنفسجية يكاد يحلف بجبروتك. طال الطريق وتلوى القلب حسره على ما أصبحتِ عليه، فمن يسأل عنك؟
ناطحات سحاب، بيوت قديمة صامدة، باقة ورد مرمية على الأرض، كوب قهوة ساخن منسي على حوض الورود، جامع في الزاوية، كنيسة متواضعة في أول المفرق، تاكسي سيارة “المرسيدس نمرة حمرة”، محل الكتب المستعملة الذي لم يعد يدوسه أحد، صباح الطفل الباكي الذاهب إلى المدرسة، وخليل المجنون
وصلت إلى نهاية الطريق وعدت إلى منزل غرفته منذ نعومة أظافري وتخاطبت أفكاري أمام كل ما رأيته
هل خليل العاقل وأنا المجنونة؟