يرِفند قوندره جيان | كاتب صحفي

     يختصّ علم السموم بدراسة التأثيرات المختلفة للمواد الكيمياىيّة على الكائنات الحيّة. علمٌ يتميّز بالانتقائيّة العالية والتخطيط للنشاط البشري استنادًا إلى مجموعة واسعة من العلوم الأخرى والنشاطات البشريّة، إذ تقوم كل خاصيّة من علم السموم على شروط تعليميّة فريدة.

لعلم السموم فروع عدّة وكل فرع له خصائصه. يتمحور علم السموم السريري حول الوقاية والتشخيص والسيطرة على التسمّم ولاسيّما في البيئة السريريّة كالمستشفيات. بينما يقوم علم السموم الشرعي على تطبيق تقنيّات معيّنة من أجل تحليل عيّنات بيولوجيّة للتحقّق من وجود مواد سامّة. يستهدف علم السموم المهني العناصر السامّة في مكان العمل، كما يحدّد شروط استخدامها الآمن ويمنع امتصاص كميّات ضارّة منها. يتناول علم السموم البيئيّة موضوع التأثير الضار لما تصنعه يد الإنسان إلى جانب تأثير المواد الكيميائيّة الطبيعيّة على الكائنات الحيّة. يتضمن علم السموم التنظيميّة تجميع وتصنيع وتقييم المعلومات المتعلقة بالأوبئة والتجارب، لتحويلها لقرارات علميّة تهدف لحماية الإنسان  من تأثير المواد الكيميائيّة الضارّة. يُعنى علم السموم الأيكولوجيّة بالتوزيع البيئي والتأثيرات السامّة للمواد الكيميائيّة على كثافة الكائنات الحيّة ضمن المنظومة البيئيّة. يرتكز علم التسمّم الغذائي على التحليل وعلى النتائج السامّة للمواد النشطة بيولوجيًّا الموجودة في الطعام.

     إنّ الطعام مهمّ وضروريّ لنموّ وعمل الكائنات الحيّة واستمراريتها وتكاثرها. يُشكّل الطعام خليطًا من المواد الكيميائيّة، وتُصنَّف عناصره ضمن أربع فئات: العناصر الغذائيّة والسموم الطبيعيّة والملوّثات والمواد المضافة. تهيمن العناصر الغذائيّة على نسبة 99,9 في المائة من الطعام. الأنواع الأساسيّة للغذاء هي السكريات والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن، ويشكّل استهلاكها المفرط مخاطر تسمّميّة للمستهلك.

     أظهرت دلائل متعلّقة بالأوبئة أنّ التلوّث الجرثومي  يُشكّل خطرا أساسيا ويتعلّق باستهلاك الطعام. خلال مرحلة إنتاج الطعام تتعرض المواد الغذائيّة النيئة ذات الأصل النباتي أو الحيواني للتراب والماء والهواء ومواد التعبئة والتغليف بالإضافة إلى يد الإنسان. وعليه، فإنّ جميع المواد الغذائيّة النيّئة مُلوَّثة بمختلف أنواع الميكروبات، ويمكن تحديد فرص تكاثر هذه الميكروبات وفقًا لبيئة حفظ الطعام. تتمثّل هذه العوامل البيئيّة الأساسيّة في توفّر الماء والغذاء للمكروبات إلى جانب الحرارة ونسبة الحموضة والأوكسيجين. فحتّى عند بقاء أي ميكروب غير ناشط على قيد الحياة ومن دون أن يتكاثر، يشكّل الطعام وسيلة نقل توصل البكتيريا إلى جسم الإنسان فتسبّب التوعّك.

     تنقسم الأمراض المنقولة بالغذاء إلى عدوى منقولة من خلاله أو تسمّم ناتج عنه وفقًا لمسببات المرض أو للمنتَج السام كالسم الميكروبي أو الإفرازات الثانوية السامة الذي تمّ إنتاجها في الطعام. يبيّن الجدول الآتي أهم الأمراض البكتيريّة التي تنقلها الأغذية.

الأمراض البكتيريّة التي تنقلها الأغذية

نوع البكتيريا فترةالحضانة (بالساعات) فترة المرض (بالأيام)
السالمونيلا 6-36 1-7
الشيغيلا 6-12 2-3
الإشيريكية القولونيّة (إي-كولاي) 12-72 1-7
يرسينيا القولون 24-36 3-5
العطفيّة الصائميّة 3-5 5-7
الليسترية المستوحدة غير ثابتة حالات وفاة مرتفعة
الضَّمًّة 2-48 2-5
الغازيّة القؤوبة 2-48 2-7

المصادر الأساسيّة للبكتيريا السامّة المذكورة بالجدول هي اللحوم والدواجن والبيض والسمك النيئ، والمياه والخضروات الملوّثة، والحليب الخام، والبراز البشري والحيواني. هناك عوامل أخرى تسبّب التسمّم الغذائي بما فيها السموم الناتجة عن الفطريات والطحالب والإفرازات الثانويّة السامة كالأمينات الحيويّة وكربامات الإثيل التي تتسبّب بها الباكتيريا والخمائر.

    إنّه لمن الضروري منع تكاثر البكتيريا والعفن في خلال معالجة وتخزين الغذاء والأعلاف. من جهة المنتِج، تتضمّن التقنيات الأساسيّة لمنع هذا التكاثر ما يلي: التجفيف وضبط معدّلات الحرارة وتعديل بيئة التخزين، إلى جانب تطبيق إشعاعات غامّا أو استعمال مبيدات الفطريّات للقضاء على الفطريّات. إلّا أنّه ثمّة آثار سلبيّة في حال لم يتم تطبيق هذه التقنيات بشكل سليم أو تمّ إبقاء بعض الرواسب في المنتج الغذائي.

     من جهة المستهلك، يجب أن يحرص على سلامته من خلال إعداد الطعام بطريقة صحيّة. من المستحسن الابتعاد عن تناول المنتجات الحيوانيّة النيئة. كما يجب أخذ الحذر من التلوث العرضي، فإنّه من الأفضل عدم خلط الطعام المطهي بالطعام النيء وإبقاؤهما منفصلين. نذكر أيضًا أن الإي-كولاي أيضًا تنتقل جنسيًا ولذا يجب استخدام واقي. من ناحية غسل الفاكهة والخضار، يمكن استخدام مزيج الماء والملح والخل، أو مزيج الماء والكلور. ولا ننسى أهمّيّة مراجعة مختص بطبّ العائلة عند ظهور عوارض التسمّم الغذائي (الإسهال، ألم في المعدة، دم في البراز، استفراغ).